سمير بنحطة
الجمعة 01 مارس 2013 - 11:30
حينما قرأت خبر وفاة محمد المودن والمصحف بين يديه تذكرت ذلك المساء الوجدي الغابر حين لمحته في أحد استديوهات إذاعة وجدة الجهوية وهو يستمع، بوجد ظاهر، لآيات الكتاب الكريم وهي تتلى على أمواج إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم..
بدا لي الرجل غارقا في سبحات النور الإلهية غير ملتفت إلى الجلبة التي أحدثها دخولي إلى الأستديو. ولم أرغب أن أقطع عليه خيط تأملاته فسحبت جسدي بعيدا عن المكان ورحت أتابع كيف تسند يديه رأسه المنتشي بالآي الكريم.
كانت شفتاه ترددان مع العيون الكوشي آيات ثم تصمتان ثم تعيدان الكرة مرة أخرى في انتشاء لا سآمة فيه ولا ملل.. ولا أعرف كيف انقدح في دواخلي، ساعتها، شعور بأن في الرجل شيء لله، كما في التعبير الصوفي الدارج. وحاشا أن أزكي أحدا على الله المطلع على قلوب عباده.
في حركاته تؤدة لا تخطئها العين. يتكلم هامسا لا تكاد تسمع صوته. صارم في غير تجهم. تشعر، حقا، أن الرجل يمتلك مواصفات قيادية.. بنكهة مغربية.. الطيبة الفطرية والتفاني في العمل والإصغاء الجيد للآخرين.
والحق أنني ما تصورت يوما أن أكتب في الرجل مرثية. وليس قصدي الآن أن أفعل. إنما هو الخبر (يا الله نصير "أخبارا" حين نموت!) حرك مياه الذكريات الراكدة في مخيلتي.. وإنما هو الرجل أكبر من كل رثاء.
وإني لأشهد أن الفقيد، رحمه الله، ربت على كتفي، وأنا في بداياتي الصعبة والمرهقة.. كان من هؤلاء الذين نذكرهم دائما لأنهم ابتسموا لنا حين تجهمت في وجوهنا الحياة! وذلك شأن لا يحسنه كل الناس.. وقليل ما هم.
رحم الله محمد المودن، المسؤول الإعلامي المتفاني في عمله، العطوف على خلق الله، الخلوق الطيب، وأسكنه فسيح جنانه. وإنا لله وإنا إليه راجعون.